نور بقلم الشاعر أحمد عبدالمجيد أبوطالب
. (..... نور...... )
نُورْ :
يَا امْرَأَةََ هَائِمَةً تَلِجُ الأَنْوَارَ...،
شَطَرَتْ صَحَائِفَ عُمْرِي شِطْرَيْنْ،
أنَا رَجُلٌ وَاهِمٌ، أَغْشَاهُ الوَهْمْ
مُحْتَاجٌ لامْرَأةٍ وَاهِمَةٍ مِثْلِي..،تُغَامِرُ،
تَغُوصُ لأعْمَاقِ الحُزْنْ،
تَجُولُ بَيْنَ رُكَامَات الظِّلِ عِنّدي،
تُبَلِّلُهَا بالنُّورِ المُبَتَّلْ،
وَ تَخُوضُ حَرَائِقَ الحَيْنْ،
كَيْ تَسْلُكَ دَرْبَاً يُفْضِي إِلَيَّ، كَيْ
تَسْلُكُنِي وَ لَا تُبَالِي الهَوْلَ، وَ لَا تَهِنْ
تَصْوَّفَ مِثْلِي، تَدْثَّرَ مَعِي بِأَوْبَارِ الفَقْدْ،
وَ تُلَمْلِمَ أَوْزَارَ الحِقْدْ،
وَ تَرْمِيهَا بِالتَمْتَمَاتِ الغُنّْ،
تَسْلُكُنِي إِنْ تَدَاعَيْتُ،
تَلِجُ سَكْنَتِي لِتَصْطَادَ الآهَةَ مِنْ بَيْنِ مَنْكَبَيَّ...،
تَنْزَلِقُ إِلَىَ القَلْبِ، إِلَىَ الرِئَتَيْنْ،
تَنْدَرِجُ مِنْ ضِلْعٍ لِضِلْعٍ،تُكَابِدُ
مَرَارَات السُّقْمْ، لِتُجَمِّعَ الضُرَّ مِنَ
السَاقَيْنِ إِلَى الكَعْبَيْنْ.
أَنَا رَجُلٌ يَتَلَذَّذُ بِهَجِيرِ الوَهْمْ!
إِذْ يَثْقُبُ جُمْجُمَتِي لِيُهَيْمِنْ
يَجْعَلُنِي أَحْيَانَاً أَسْتَطْعِمُ السُّمْ
وَ أَتَرَوَّىَ بِمَاءٍ أَسِنْ !
فَلَا أُبَالِي خَدَرْ، وَ لَا وَزَرْ، أَحْتَضِرْ،
وَ يُنْشِذُنِي السِّرُ المُحِيطُ المُكَنّْ.
فَأَدْرِكِينِي قَبْلَ أَنْ تُحَوِّلُنِي مَوَاطِنَ
الإِرْهَابِيِّينَ مِنْ مُشْتَاقٍ إِلَىَ وَثَنْ !
يَا امْرَأَةً هَائِمَةً تَلِجُ الأَنْوَارَ.....
شَطَرَتْ صَحَائِفَ عُمْرِي شِطْرَيْنْ
وَ أَذْرَتْ فُتَاتَ مَا بَيْنِهِمَا فِي
مُحِيطَاتِ العَدَمْ ، لِكَيْ تَأْمَنْ!
إِذَا كُنْتِ مُؤَرِّخَةَ الشَّطْر الأَوَّلْ..
فَمَنْ غَيْرَكِ أَسْتَوْدِعُهُ
الشَّطْرَ البَاقِي مِنَ الزَّمَنْ ؟
مُحْتَاجٌ لامْرأَةٍ تَفْهَمُنِي، تَسْكُنُنِي..
لِتُطِلَّ مِنْ نَاظِرَيَّ عَلَىَ شَوَارِع المُدُنْ
مُحْتَاجٌ لِأُمْ، لَا تُنْذِرُنِي كَلَالَاً بِاليُتْمْ..،
تُوَسِّدُنِي جَنَاحَيْهَا لِتُرْضِعْنِ وَلَا تَفْطِمْنْ!
تَحْضُنُنِي وَ تَزُّمُ عَلَيَّ حَتَى يَلْتَئِمُ
الحَبْلَ السُّرِّيّْ مِنْ فَرْطِ الهُيَامِ
بَيْنَ الخَصْرَيْنْ.
-أَوَاهِمٌ أَنَا الآنَ؟!
إِذْ أَلُوذُ بِوِحْدَتِي لِيُؤْنِسُنِي طَيْفَكِ
البَهِيِّ النَّابِعَ مِنْ كُلِّ رُكْنْ
وَ يُرَنِّمُ أَنْغَامَاً تَبَقَّتْ مِنْ بِدَايَاتِ المَهْدِ
الذِّي وَلَّىَ، وَلَمْ يُوَلِّي مَعَهُ الشَّجَنْ....
وَ يَسْأَلُ : ( لِمَاذَا جَعَلْتَنِي أُحِبُّكَ؟)
تِصْدَاحَاً لَمْ يَزَلْ فِي غَيَابَتِ مَسَامِعِي يَرِنْ،
وَ يَهْمِسُ :(ضُمَّنِي)
فَأُعَانِقُ طَيْفَاً.. عَاشِقَاً وَلِهَاً،
عِنَاقَاً تَنَزَّهَ عَنْ كُلِّ دَرَنْ،
نَنْشُقُ تَأَوُْهَنَا لِيَتَلَاشَىَ السَواَدَ لَحْظَةً،
وَ تَحِلُّ النَشْوَةَ بِالأَعْيُنْ،
وَ نَنْهَلُ مِنْ عَسَلٍ شَفَّ بِقُبْلَةِ فَمٍ لِفَمْ،
وَ عَفَّ عَنْ نَحْلٍ تَخَفَّىَ، وَ رَاحَ يُدَوِّيِ وَ يَئِنّْ،
فِي لَيَالٍ أَطْلَقَتْ الرُّوحَ وَ طَيْفَكِ لِلٰهَوَىَ،
وَ أَوْدَعَتْ الجَسَدَ المُحَرَّمَ فِي سِجْنْ
إِشْفَاقَاً عَلَيْهِ مِنَ التَشَهِّي، وَ مِنْ
بَرِيقِ الزَّيْفِ المُلِحِّ، وَ مِنْ سَكَرَاتِ الفَنّْ
أَوَاهِمٌ أنَا الآنَ؟!
رُبَّمَا..، فَأنَا رَجُلٌ وَهْمِيٌّ، مِنْ زَمَنٍ وَهْمِيّْ،
لَآ يُدْرِكُهُ إِنْسِىّْ..، وَ لَآ يُفْطَنْ!
يَا امْرَأَةً هَائِمَةً تَلِجُ الأَنْوَارَ..،
شَطَرَتْ صَحَائِفَ عُمْرِي شِطْرَيْنْ،
وَ أَرَّخَتْ المَاضِي لِكَيْ يَمْضِي..،
وَ اسْتَوْقَفَتْ الآتِي يَنْتَظِرُ الإِذْنْ!!
مَنْ دُونَكِ يَشْدُدُ أَزْرِي قَبْلَ حُلُولِ
الطُّوفَانْ؟ مَنْ سَيَصِيرُ الوَطَنْ؟
مَنْ تَنْتَظِرِينْ؟
- أوَاهِمٌ أنَا الآنَ؟
أَمْ أنَّنِي المُتَفَرِّدُ وَحْدِي
بِشَذَا النُّور المُسْتَبِينْ؟!
-أوَاهِمٌ أَنَا الآنَ؟! ربما!!
مُحْتَاجٌ لِامْرَأَةٍ وَاهِمَةٍ تُغَامِرُ..
تَغُوصُ لِأَعْمَاقِ الحُزْنْ
لَعَلِّي أَنْشَطُ بَيْنَ يَدَيْهَا مِنْ يَأْسٍ..،
لَعَلِّي أُقَهْقِرُ الوَهَنْ!
امْرَأَةً تَلِجُ الأَنْوَارَ..، تَلِجُ الأَزْمَانَ،
تَلِجُ عَتَمَاتِي فَيُبْصِرْنْ
تُولِجُنِي مِنْ نُورً إِلَىَ نُورْ..،
تُولِجُنِي مِنْ زَمَنٍ إِلَىَ زَمَنْ،
تَفْتُلُنِي فِي قِنْدِيلِ القَلْبِ لَدَيْهَا دُونَ رَيْبْ،
كَيْ أَنْجُو مِنْ سَغَبِ البَيْنْ.
- لِمَنْ أَصْنَعُ الفُلْكَ وَحْدِي إِذَنْ؟!
أَمَا تَنْتَظِرِينِ؟! أَخْبِرِينِي أنتِ لِمَنْ؟!
وَمَنْ غَيْرَكِ قَدْ يُصَدِّقْنِ؟
مَنْ يَمْتَطِي الفُلْكَ مَعِي إِلَّاكِ؟!
وَ مَنْ سِوَاكِ لَدَيَّ يَطْمَئِنْ؟!
أنَا نُورٌ يَا نُورْ....
فَإلَىَ مَنْ سِوَاكِ أَسْكُنْ؟!
فَيَا امْرَأَةً تَلِجُ الأَنْوَارَ وَ تَلِجْنِ..
لُمِّي أَشِعَةَ نُورِي..، وَ قَدْ أَرَّقَهَا..
العَرَاءُ الأَزَلِيُّ فَأَرْهَقَتْنِ،
وَ دَثِّرِينِي، عَلَّهُنَّ فِي أَنْوَارِكِ يُدَّثَرْنْ،
ضُمِينِي.. لِسَرْمَدِ السِّرِ لَدَيْكِ..،
لَعَلِّي أَبْرُؤَ مِنْ أَوْزَارِ الظَّنْ
ضُمِّينِي.. لِسَرْمَدِ السِرِّ لَدَيْكِ..،
لَعَلِي أَبْرُؤَ مِنْ أَرَقٍ..،
وَ عَلَى صَدْرِكِ يَطْمَئِنُّ قَلْبِي فَأَسْتَوْسِنْ!
كلماتي :
تعليقات
إرسال تعليق